قبيلة العبادلة أو عبيدل أو العبيدلي

أصل الاسم:



عُبَيدِليّ ...

من (ع ب د) وزن فُعَيْلِلِيّ: نسبة إلى "عُبَيْدل": وهو إسم منحوت من "عُـبَـيْـد الـلـه"، وعُبَيْد: تصغير "عَبْد" وهو الرقيق، والإنسان حراً أو رقيقاً، لأنه مربوب لله عز وجل، ويقال: فلان عبدٌ بيِّن العبودية، وأصل العبودية: الخضوع والتذلل.

من صور النطق المحلي "اعْبيدلي"


أما كلمة "العَبَادِلَةُ" في المعجم الوسيط فهي نسبةً إلى جمع "عبدالله"، وفي التاريخ الإسلامي أُطلق اسم "العبادلة" لأول مرة في عهد صحابة رسول الله "صلى الله عليه وسلم" على أربعة من الصحابة هم: عبدالله بن الزبير، وعبدالله بن عباس، وعبدالله بن عمر، وعبدالله بن عمرو بن العاص، وهم من علماء الصحابة الذين تأخرت وفاتهم حتى أُحتيج إلى علمهم، فكانت لهم هذه المزيّة والشهرة بهذا الاسم، فإذا اجتمعوا على شيء من الفتوى قيل: "هذا قول العبادلة" (1).


  



مقدمة :

العبادلة أو عبيدل أو العبيدلي قبيلة عربية كانت مساكنها القديمة في خور العديد جنوب قطر قبل أن تهاجر إلى ساحل فارس المقابل وساحل عمان المتصالح (الإمارات)، وترجع القبيلة بالنسب إلى بطن عبده من قبيلة شمر، كان أفرادها يعتمدون في معيشتهم بشكل رئيسي على صيد الأسماك والغوص على اللؤلؤ والنقل البحري، وفي نطاق أضيق على الزراعة والنخيل والرعي وتربية الماشية، سميت القبيلة بهذا الاسم نسبة إلى جدها الأول (عبيدل بن حمود بن عبدالله بن حمود)، وقد سكنت القبيلة ساحلي الخليج الشرقي والغربي بالتزامن منذ القرن السابع عشر الميلادي، وتتواجد اليوم في عدد من دول الخليج كـ قطر، والإمارات، والبحرين، والكويت، وعمان، والسعودية (المنطقة الشرقية).




 

 
نسب القبيلة:

تنحدر أصول العبادلة إلى قبيلة شمر، حيث قال عنهم الانجليزي جون غوردون لوريمر في كتابه دليل الخليج (الجزء الخاص بمنطقة شيبكوه) النص التالي (2):

(سنيون، يدعون أنهم فرع من قبيلة أكبر تسمى أحمده ويقولون أنهم ينحدرون من سلالة عبده من شمر نجد، ويقال أحياناً أن العبادلة في ساحل عمان المتصالح "العبدولي" يرتبطون بهذه القبيلة، وفروع العبيدلي في "جيروه" وجزيرة "هندرابي" هي: بوعلي، وآل بوعلي، وبوحسين، ومغائر، ومحافر، وبني مهنا، وبني مقبل، وبوسليمان).


 

وفي الجزء الخاص بقبيلة شمر (بطن عبده) يقول لوريمر:

 

(تنتمي أسرة حائل الحاكمة إلى شعبة خليل من فرع جعفر، وبعض شمر المقيمين في الزلفي من بطن عبده الذي تتفرع منه قبيلتا العبيدلي في منطقة شيبكوه في فارس والعبادلة في ساحل عمان المتصالح).



 
وقد وصف لوريمر منطقة شيبكوه "مناطق عرب الهولة" وصفاً دقيقاً، حيث قال أنها عبارة عن الشريط الساحلي المحصور بين سلسلة الجبال الساحلية ومياه الخليج، وتمتد حدودها من ميناء "بنك" شمالاً وصولاً إلى "مغوه" جنوباً، وأضاف لوريمر أن عدد سكانها (42,500) نسمة غالبيتهم العظمى من العرب السنة، وأن أهم القبائل التي تسكنها:


آل علي (3500نسمة) وهم فرع من قبيلة بنفس الاسم في ساحل عمان وهم يتزاوجون منها، الحمادي (2000نسمة) وهم من سلالة قبيلة قحطان، آل حرم (2000نسمة) وهم فرع من قبيلة تدعى راضية ويقولون انهم هاجروا من جوار مكة المكرمة منذ خمسة أو ستة أجيال، المرازيق (1500نسمة) وهم فرع من آل سليمان من قبيلة العجمان، آل نصور (عددهم قليل)، العبيدلي (1500نسمة) وهم من سلالة عبده من شمر نجد.



وأضاف لوريمر إلى هذه القبائل قبيلة بني مالك قطر (المالكي) حيث قال "أن بني مالك وصلوا إلى قطر من فارس وحيث أنهم سنيون فإنهم يعتبرون من الهولة".




أما المؤرخ السعودي سعود الزيتون الخالدي فينسب العبادلة إلى فرع الأسلم من آل صبيح من بني خالد، ويقول أنهم دخلوا مع قبيلة شمر بالحلف، ويضيف أن العلم السُليمي أو الأسلمي كما في بعض الروايات والذي كان يُرفع على سفن الغوص العربية في منطقة الخليج هو علم منسوب إلى قبيلة عبيدل أبناء أسلم الخالدي، ووفقاً لوصف الخالدي فإن العتوب رفعوا هذا العلم بعد دخولهم تحت حماية قبيلة بني خالد حكام المنطقة آنذاك، حيث يقول في كتابه (معجم قبائل الخليج في مذكرات لوريمر دليل الخليج) النص التالي (3):




(وتُشير بعض الروايات إلى أنهم "أي عبيدل" من ذرية عبدالله وعبيد وعبود أبناء أسلم المنيعي الخالدي المخزومي القرشي، وقد دخلوا فيما بعد في شمر بالحلف، وهم المعنيون بالراية أو العلم السُليمي الذي كان يُرفع في الماضي على أغلب مراكب أهالي الخليج).





الهجرة إلى خور العديد:
 
هاجر العبادلة من حائل في شمال الجزيرة العربية إلى خور العديد في القرن السادس عشر الميلادي، واستقر العبادلة في خور العديد فترة من الزمن وتركوا لهم بعض الآثار هناك قبل أن يهاجروا منها إلى بر فارس المقابل وساحل عمان المتصالح.

 
والعديد على لفظ تصغير: العدّ، والعد هو البئر الغزيرة الماء التي لا ينضب ماؤها صيفاً عندما تقل الأمطار، وخور العديد رأس من البحر، يقابل رأس سلوى من الشرق، على مدخل شبه جزيرة قطر من شرقها، ورأس سلوى من غربها، ويمتد الشاطئ الجنوبي لخور العديد على طول الرأس الصخري الذي يقع "راس ابوقميص" في أبعد مكان فيه.



ويذكر المؤرخ السعودي حمد الجاسر في كتابه (المعجم الجغرافي للبلاد العربية السعودية -قسم المنطقة الشرقية-) النص التالي (4):


(وفي مكان لا يبعد كثيراً عن القسم الجنوبي من خور العديد، يوجد بعض النخيل ومورد المياه المعروف بـ "عبيدل" وهو اسم جاء من قبيلة عبيدل التي كان أفراد منها أول من قطن خور العديد).



وأضاف الجاسر أنه يوجد في منطقة "راس ابوقميص" على الحدود السعودية القطرية آثار لقرية مسورة محمية بقلعة وعدد من الأبراج منسوبة لقبيلة تدعى "عبيدل" هي أول من سكن هذه المنطقة على حد قوله.



وفي رسالة موجهة من الشيخ عبدالله بن قاسم آل ثاني إلى سعود بن عبدالله بن جلوي آل سعود أمير المنطقة الشرقية والمؤرخة في 25 يوليو 1955م أشار فيها إلى سكان العديد قائلاً (5):


(أما عن سكانه، فالذي أذكر أن أول من سكنه أناس يقال لهم بني حماد والعبيدل وهم حادرين من نجد واستقاموا فيه مدة طويلة، وجرى بينهم نزاع وتطور إلى قتال بينهم، وبعد ذلك خافوا ورحلوا ونزلوا قطر مدة ومنها تحولوا إلى أطراف فارس، وهم لاشك حادرين من نجد وأنسابهم محفوظة، وبعد هذا نزلوا القبيسات لما صار بينهم وبين خليفة بن زايد نزاع شديد).


 
وعندما تم اللجوء إلى التحكيم البريطاني في 31 يوليو 1955م في محاولة لحل الخلاف الحدودي حول واحة البريمي بين أبوظبي ومسقط وبين المملكة العربية السعودية، تمت إثارة مشكلة العديد من جديد، حيث طالبت أبوظبي بضمها لها بإعتبار أن القبيسات "وهم من حلف بني ياس" قد سكنوا خور العديد، ولكن رد الحكومة السعودية كان التالي (6):


(ولم يكن القبيسات أول من نزل العديد، فقبل هذا الوقت كانت قبيلتا عبيدل وبني حماد من نجد قد احتلتا هذا الموقع، ومازال اسم عبيدل يُطلق على مورد المياه الواقع بجوار الطرف الجنوبي لخور العديد).


 
وفي دراسة نُشرت في بداية عقد التسعينات من القرن العشرين في مجلة (الأزمنة العربية) تتحدث فيه بالسرد والتحليل عن إتفاقية الحدود الموقعة بين المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة في جدة في 17 أغسطس 1974م والتي تم بموجبها تسوية الخلاف الحدودي بين أبوظبي والرياض حول نقاط حدود تشمل خور العديد وواحة البريمي، نجد النص التالي (7):


(وتبين المراجع التاريخية القريبة إستخدام منطقة العديد كمحطة ساحلية لعبور بعض القبائل العربية إلى بر فارس والإستقرار في سواحلها مثل قبائل "العبادلة وبني حماد" وذلك في نهاية القرن الثامن عشر، تلك القبائل التي عاد بعضها ليستقر في الإمارات بعد قيام دولة الإتحاد، سيما في إمارة أبوظبي التي قامت بمنحهم الجنسية وبناء مساكن حكومية لهم على الحدود الساحلية الغربية لها مع المملكة العربية السعودية مثل قرى الحمراء والسلع والمرفأ، ويُصبح تاريخ العديد مجهولاً إلى درجة كبيرة بعد هذه الفترة حيث يُهمل ذكرها).


   
وقد أشار بريدوكس مساعد المقيم السياسي البريطاني في الخليج بالإنابة عند حديثه عن العديد إلى "قلعة العديد التاريخية" والتي يعتقد أنه يعود بناءها للعبادلة، فقد أرسل بريدوكس مذكرة في شأن العديد إلى حكومته في 14 سبتمبر 1876 تحوي ملخصاً وافياً لها (قبل نزوح القبيسات إليها لأول مرة سنة 1836)، جاء في المذكرة تعريف بموقع العديد ودفاعاتها القائمة وشيء من تاريخها القريب.



يقول بريدوكس (8):

(إن هذه المستوطنة التي تقع على ساحل قطر وتقوم على الجانب الشرقي من مدخل خور العديد عند سفح جبل العديد هي منطقة كئيبة جرداء تعد الأكثر بؤساً في المهامه والقفار).




يضيف بيردوكس:

(دفاعات العديد لا تزيد على قلعة واحدة صغيرة مربعة الشكل ذات برجين تقف في منتصف المدينة، وتقع على الجانب الأيمن من طرف المدينة أربعة أبراج تقوم على مسافات متساوية في ما بينها وتمثل خطاً بحرياً في اتجاه سفح الجبل، وفي هذه الجهة اليمنى ذاتها يقف برجان عند منطقة الساحل، إضافة إلى برج آخر يقع في أقصى ظهير المدينة، أما دفاعات الجانب الآخر من المدينة فلا تزيد على بيت مربع متماسك أُقيم على تلة صغيرة مطلة على البئر التي تشرب منها المنطقة).



يختم بريدوكس بالقول:

(إن ساحلها يستعصي على السفن الحربية البريطانية التي لا يتيسر لها الاقتراب لأكثر من ثلاثة إلى أربعة أميال من ذلك الساحل، ويذكر المقيم بالإنابة "اعتماداً على مارواه جاكسن قبله" أن قلعة العديد ربما بناها الدواسر لكنهم هجروا المنطقة لشح المياه).




إن التطابق التام بين وصف المؤرخ السعودي حمد الجاسر مع المقيم بريدوكس لمنطقة العديد وما تحتويه من آثار وقلعة وأبراج وبئر، يُشير إلى أن بريدوكس قد توهم أن القلعة الموجودة في منطقة العديد قبل نزوح القبيسات إليها أنها لقبيلة الدواسر، في حين أنها قد تعود أساساً لقبيلة العبادلة (عبيدل) التي كانت أول من سكن هذه المنطقة قبل هجرتها منها وفقاً لرواية المؤرخ حمد الجاسر وكذلك تأكيد الحكومة السعودية خلال جلسات التحكيم الدولي لتسوية النزاع الاقليمي حول قضية البريمي (5)+(7)، وهذا يفسر عدم جزم بريدوكس بملكية هذه القلعة لقبيلة الدواسر.




  
 
الهجرة إلى الساحل الفارسي:

نظراً لشح المياه والقحط الشديد الذي أصاب منطقة العديد هاجرت قبيلة العبادلة من المنطقة، وانقسمت في هجرتها إلى قسمين (9):


القسم الاول هاجر إلى ساحل عمان المتصالح (الإمارات) ويُطلق عليهم اليوم (العبدولي) وهم من سلالة سعيد ابن عبيدل بن حمود، واستقروا في إمارتي الشارقة والفجيرة وبالتحديد في "وادي العبادلة" المعروف بدولة الإمارات العربية المتحدة والذي اشتق اسمه بالتبعية لقبيلة العبادلة، ويعتبر هذا الوادي الذي يشكل العبادلة أغلب سكانه من أكثر الأودية طولاً في دولة الإمارات، ويصب في الخليج العربي غرباً منتهياً بمدينة دبا، وتشكل الزراعة الحرفة الرئيسية لسكان الوادي، ويعد الوجيه حمدان بن أحمد العبدولي كبير العبادلة في الشارقة زمن حكم الشيخ صقر بن خالد القاسمي.



أما القسم الثاني من القبيلة فقد هاجر إلى الساحل الفارسي المقابل، ويُطلق عليهم اليوم (العبيدلي) وهم من سلالة عبدالله وحمود ومنصور أبناء عبيدل بن حمود، واستقروا في المناطق الساحلية المُطلة على مياه الخليج، والمقابلة تماماً لقطر والإمارات على الضفة الأخرى من الساحل، وعملوا في صيد اللؤلؤ والزراعة وتربية الماشية، وخلال فترة تواجدهم هناك إستطاع العبادلة تأسيس إمارة عربية قوية، كما تمكنوا من السيطرة على جزء عريض من الساحل الفارسي ضم عدداً من المناطق التالية: (نخل خلفان، العرمكي، جيروه، الجبرية، علفدان، اهميران، جزيرة الشيخ شعيب، بوجراش، ارميلة، هندرابي، بوطيور، نخيلوه، كوشند).



يقول الانجليزي جون غوردون لوريمر في كتابه (دليل الخليج) عن "بندر جيروه" التابع لقبيلة عبيدل، وهو أحد الموانئ العربية على الساحل الفارسي، النص التالي (10):



(وتتكون قرية "جيروه" من 200 منزل يسكنها عرب قبيلة العبيدلي، وهم سنيون، ولهم خمس سفن تجارية تسير في الخليج إلى عمان وإلى البصرة من حين لآخر، وأيضاً خمسة قوارب لصيد اللؤلؤ تزور الساحل الغربي للخليج و 12 مركب من نوع "بقّارة والشوعي" للصيد وتستعمل لصيد البحر، كما تستعمل في الصيف لعمليات اللؤلؤ عند الجزيرة المجاورة "هندرابي"، ويُمثل السلطة المحلية الشيخ عبدالله بن محمد العبيدلي ولكنه يسكن عادةً في "العرمكي" وهو مكان يبعد عن "جيروه" 30 ميلاً، ويستخلف أخاه لرعاية شؤون "جيروه")





كما يقول لوريمر عن جزيرة "هندرابي" الخاضعة لسيطرة شيوخ العبيدلي، وهي إحدى الجزر العربية على الساحل الفارسي، النص التالي:


 
(وعند حوالي منتصف الساحل الشمالي توجد جزيرة "هندرابي" وتتألف من 100 منزل من عرب العبيدلي، وهم من السنة، ويمتلك أهالي الجزيرة آباراً ذات مياه مالحة في موسم الصيف وعدد قليل من أشجار الأثاب "تين البنغال" إلى جانب نشاط زراعي بسيط يقتصر على محصولي القمح والشعير، أما قطعان الماشية فتتألف من حوالي 50 بقرة و 100 رأس من الماعز، وتحتوي الجزيرة على حوالي 400 شجرة نخيل يوجد أغلبها في الجانب الغربي، ويعمل غالبية الأهالي في صيد السمك والغوص بحثاً عن اللؤلؤ ويمتلكون 20 مركباً صغيراً من نوع "بقّاره" و 16 مركباً من نوع "الشوعي" يستخدمونها لأغراض صيد السمك في موسم الصيف، وتخضع الجزيرة لسيطرة شيخ "جيروه" العبيدلي ويُدعى ممثله في الجزيرة باسم "نايب"، إن ربع الرجال المقاتلين مسلحون ببنادق حديثة).


 

ويقول محمد شريف الشيباني مؤرخ قطر في كتابه (تاريخ القبائل العربية في السواحل الفارسية) عند حديثه عن بلدة نخل خلفان ومناطق العبادلة الأخرى على الساحل الفارسي النص التالي (11):



(وبهذه القرى والأرياف الكثير من الموارد الطبيعية والزراعية كالنخيل والبساتين والحنطة والشعير والخضروات، وأراضيها خصبة جداً، وقابلة للزراعة بمختلف أنواعها، ويكون إستقاء مزارعها الشتوية من مياه الأمطار، وتكثر في هذه المناطق الأشجار الطبيعية المسماة شجر الغاف والسدر، ويستفيد منها الأهالي لسقوف بيوتهم بدلاً من الخشب "الجندل"، وكل هذه القرى مزدحمة وآهلة بالسكان، وكلهم من أهل السنة والجماعة، ومذهبهم الشافعية، أما عددهم فيتراوح بين 2500 إلى 3000 نسمة، وقد احتفظ هؤلاء العرب الأقحاح بلغتهم وعروبتهم الأصيلة).


 


 







التحالف مع اليعاربة حكام عمان:

ورد في كتاب (عرب الخليج في ضوء مصادر شركة الهند الهولندية الشرقية) لمؤلفه الهولندي ب.ج سلوت والذي يغطي الأحداث في الخليج خلال الفترة بين 1602-1784 وفقاً للوثائق الهولندية، ورد في الكتاب أن شيخ قبيلة العبادلة كان حليفاً لإمام اليعاربة حكام عمان سنة 1705م، وأنه كان ينقل البضائع على متن سفينته الخاصة من "كنج" على الساحل الفارسي لصالح عمان وحلفاء عمان، حيث ورد في الكتاب النص التالي (12):

 
 

(وفي عام 1705م تلقت السفن الهولندية أوامر تقضي بمنع السفن العمانية من التوقف في "سورات" أو في أي ميناء من موانئ المغل دون التعرض لها، ولكن الأعمال التجارية استمرت، وكانوا يستخدمون سفن العدو أحياناً عندما يرون في ذلك أكثر أماناً وفائدة، وبهذه الطريقة كانت تُرسل البضائع الخاصة بأحد عملاء إمام عمان في "سورات" على متن سفينة عربية تخص شيخ العبادلة المُقيم في "كنج" حيث وكالة البرتغاليين الخاصة أعداء عمان التقليديين).

 
 

كما جاء في مذكرات القنصل الفرنسي في البصرة (جان أوتر) والتي تغطي الأحداث في العراق والخليج العربي وفارس خلال الفترة 1736-1743 والتي كان فيها "نادر شاه" على رأس السلطة في بلاد فارس، جاء في هذه المذكرات الخبر عن تولي الشيخ شاهين (والد الشيخ رحمة بن شاهين العبيدلي) مهمة قيادة سفن الاسطول العماني زمن دولة اليعاربة ضد اسطول فارس، حيث ورد في المذكرات تحت عنوان (معارك بحرية بين الفرس والمسقطيين) النص التالي (13):

 

(في هذه الأثناء جرت معركة في مرتفع " سوادي" بين الاسطولين الفارسي والمسقطي، وكان الشيخ شاهين يقود الاسطول المسقطي من السفينة الكبيرة التي استولى عليها من الفرس أثناء تمرد عرب الهولة، فقاتل بشجاعة فائقة بعد أن أعاق ثلاث سفن للأعداء، وطارد البقية).









 الشيخ رحمة بن شاهين العبيدلي:
ومن أبرز شيوخ القبيلة في القرن الثامن عشر الشيخ رحمة بن شاهين العبيدلي حاكم نخيلوه وجزيرة الشيخ شعيب والذي قاد الثورة العربية ضد اسطول نادر شاه وقاوم السيطرة الفارسية والوجود الهولندي على سواحل الخليج.


ويذكر الهولندي ب ج سلوت في كتابه "عرب الخليج" (14) قيام الشيخ رحمة بن شاهين العبيدلي بالثورة على القائد الصفوي نادر شاه أفشار، حيث يؤكد سلوت تمكن الشيخ رحمة العبيدلي ورجاله العرب من الإستيلاء على سفن الاسطول الفارسي التي كانت تحاصر ميناء راس الخيمة (جلفار) وقتل قائد الاسطول وجميع الفرس الذين كانوا على متنه وذلك عند "راس الحد" بالقرب من مضيق هرمز عام 1740ميلادي، وفرار الشيخ العبيدلي بعد هذه الحادثة إلى ميناء (المخا) في اليمن.




كما يذكر سلوت قيادة الشيخ رحمة العبيدلي للحرب ضد الهولنديين ومقاومته لتواجدهم في المنطقة، وإجبارهم على الانسحاب من جزيرة الشيخ شعيب وجزيرة قيس عام 1742م، حيث يؤكد سلوت تمكن الأساطيل البحرية للعبادلة من إرغام السفن الهولندية المتحالفة مع نادر شاه على التراجع وإلحاق الخسائر بها، ويقول في هذا الصدد:




(على الرغم من محاولة السفن الهولندية مهاجمة سفن الشيخ رحمة بن شاهين العبيدلي إلا أنها كانت دون جدوى لصغر سفنهم وقلة عدد الملاحين الأوروبيين وعدم كفاءة الفرس الذين كانوا على متنها لأنهم كانوا غير مدربين، الأمر الذي أجبرهم على التراجع سلمياً، مع بعض الخسائر التي خرجوا بها نتيجة قتل بعض البحارة الهولنديين).


يضيف سلوت أنه حدث بعد ذلك انشقاق بين المتمردين العرب بقيادة الشيخ العبيدلي وانتشرت شائعات عن وقوع خصومات بينهم، وقيل أن الشيخ رحمة بن شاهين العبيدلي ووالده الشيخ شاهين قررا إعادة السفن الثلاث الكبيرة التابعة للأسطول الفارسي مع بعض المراكب الصغيرة إلى الفرس نتيجة وساطة الهولنديين.



يقول الرحالان الهولنديان "تيد وفون كنبيهاوزن" و "جان فون در هولست" في تقريرهم المسجل عام 1756م عند وصفهم "بندر نخيلوه" والذي كان يخضع لحكم الشيخ رحمة بن شاهين العبيدلي النص التالي (15):


(يلقى من يستمر في اتباع الساحل جزيرة نخيلوه، التي تمتلك جزيرة الشيخ شعيب، المُسماة جزيرة أبي شعيب على الخارطات، ثم جزيرة "شتورا"، ويزيد سكان نخيلوه عن 1000 من الرجال الأقوياء البُنية، أكثر من نصفهم مسلح، وهي تمتلك 60 سفينة، ويحكمها شيخان بآن واحد، هما: محمد بن زيد ورحمة بن شاهين، ويعيش أهاليها من غوص اللؤلؤ بصورة رئيسية، وقد استخدمنا 40 منهم في تجارة اللؤلؤ في جزيرة "خارك" على سبيل التجربة).







حكم البحرين قبل العتوب:

ورد في كتاب (عرب الخليج) لمؤلفه ب.ج سلوت أن البحرين خضعت في فترة من الفترات لسيطرة قبائل الهولة العبيدلي والعلي والحرم والنصور، وذلك قبل أن يتم انتزاعها منهم وفق سلوت، حيث يقول في كتابه النص التالي (16):

 

(وهناك ما يشير إلى أن"بندر ريج" كانت تُصدر القمح وأنهم كانوا يجلبون إليها التجارة المحولة من "بندر عباس" بسبب تصرفات موظفي الجمارك هناك، وكان العرب هناك وعرب"خارج" وساحل العراق يتمتعون بقوة بحرية كبيرة، ويبدو أنهم كانوا قد انتزعوا السلطة على مغاصات اللؤلؤ في البحرين من مجموعة الهولة مثل العبيدلي والعلي والحرم والنصور، الذين كانوا يبيعون لآلئهم في "كنجون").


كما أشار الانجليزي لوريمر في كتابه (دليل الخليج) إلى سيطرة قبائل الهولة على جزيرة البحرين خلال الفترة بين عامي 1751-1753م، دون أن يحدد أسماء تلك القبائل، حيث يقول في كتابه في الفصل الخاص بالبحرين (القسم التاريخي) تحت عنوان (هيمنة عرب الهولة وأعمالهم 1751-1753)النص التالي (17):


(في منتصف القرن الثامن عشر كان عرب الهولة، الممثلون حتى اليوم بقوة في الجزر، هم القبيلة المستوطنة الرئيسية، حيث سيطرت سياساتهم على الارخبيل، ولكن في عام 1753 يبدو أنهم تفرقوا فيما بينهم نتيجة العداوات بحيث بدا أن غزو الجزر سيكون سهلاً أمام أي غاز أجنبي).



وجاء في مذكرات (تشارلز بلجريف) المستشار السياسي البريطاني لحكومة البحرين خلال الفترة 1926-1957م عند حديثه عن بلدة الرفاع بالبحرين النص التالي (18):

 
(وفي عام 1820م كانت الرفاع بلدة جبلية محصنة ومأهولة بالسكان، بُنيت قلعة الرفاع بواسطة الشيخ سلمان بن أحمد آل خليفة، وقد بُنيت على أساسات قلعة أخرى كانت مقراً لسلطة الهولة عندما حكموا البحرين في القرن الثامن عشر).












 

حلف قبائل عرب الهولة (العبادلة):
 
يقول الهولندي سلوت في كتابه (عرب الخليج) عند وصفه لقبائل عرب الهولة "والتي عدّ العبادلة واحدةً منها" النص التالي (19):



 
(والهولة الذين تذكرهم مصادر القرن الثامن عشر كثيراً، هم مجموعة من القبائل التابعة للساحل الشمالي في منطقة جنوب الخليج، وكانوا بدواً يسكنون في الساحل أو بحارة وصيادي سمك، ويعتبر اللقب "هولة" اسماً مشتركاً يتداوله الأغراب للإشارة إلى بعض القبائل العربية الخاصة التي تسكن في منطقة جنوب الخليج "كان بعضهم من الشافعية السنية ولكن كان معظمهم من الحنابلة السنية" كما كانت تفرقهم المنازعات القبلية، وقد يعني هذا أن الاسم "هولة"هو مجرد وسيلة سهلة للإشارة إلى مجموعة من القبائل السُنية المتميزة والمستقرة في منطقة جنوب الخليج).



يضيف سلوت:



(ومهما يكن، كان هناك وعي واضح بمدى الإنتماء إلى هؤلاء الهولة من عدمه، فمثلاً، لم يعتبر بنو معين "المعيني" الذين كانوا يعيشون بين الهولة فرعاً منهم، ومن المؤكد أن اسم "هولة" كان يستخدم في القرن الثامن عشر بمفهوم مختلف تماماً عما هو عليه الآن، فالهولة في القرن الثامن عشر كانوا عرباً سنيين، يرتبطون بعاداتهم ومبدأ حريتهم ارتباطاً وثيقاً، وهم الذين هاجروا من شبه الجزيرة العربية إلى ساحل بلاد فارس في منطقة جنوب الخليج، أما الوقت الحاضر، فإن الاسم "هولة" يستخدم في دول الخليج لكل الجماعات المهاجرين من ساحل إيران الجنوبي والذين لا يمتون إلا بصلة ضئيلة جداً بالهولة الأصليين، ونحن نستخدم التعبير ''الهولة'' في هذا الكتاب إنطلاقا من معنى الاسم القديم).



وقد خص سلوت في كتابه لفظ "الهولة" بعدد من القبائل المحددة والتي تسكن المناطق الساحلية على الجانب الفارسي المقابل للخليج وهي: (العبادلة، القواسم، المرازيق، آل حرم، النصور، آل علي...الخ)  في حين لم يُدخل من ضمن الهولة سكان بستك أو أبوشهر أو بندر ديلم أو الأحواز، إذ أن تلك القبائل لها تاريخها المستقل والخاص، وحصر سلوت "الهولة" في هذه القبائل فقط دون غيرها، وأشار إلى أن مصطلح "الهولة" في كتابه (والذين حددهم بقبائل معينة) يختلف تماماً عن المعنى الشائع اليوم في دول الخليج والذي اتسع ليشمل كثيراً من العجم السنة سكان المناطق الداخلية والذين ليست لهم أي صلة بالهولة الأصليين على حد قوله.



علماً أن أجداد القواسم اشتهروا بلقب الهولي أكثر من غيرهم من قبائل الهولة الأخرى كالعبادلة وآل حرم والمرازيق وآل علي والنصور وذلك منذ مطلع القرن السادس عشر الميلادي، ومن الوثائق القديمة التي تثبت اشتهار أجداد القواسم بلقب الهولي نص الوثيقة الهولندية المعروضة في كتاب سلوت، حيث يذكر سلوت في كتابه بأن ترجمة الرسالة لا تزال موجودة في الارشيف الهولندي وتسلمها البحارة الهولنديون من القادة العمانيين الذين وردت أسمائهم في الرسالة وهم كالتالي: ناصر بن عبدالله بن أحمد الحبوس ورحمة بن مطر بن رحمة بن محمد الهولي، حيث نعت شيخ قبيلة القواسم نفسه في الرسالة بالهولي وليس القاسمي.


 


وقد أشارت المؤرخة باتريشيا ريسو في كتابها (عمان ومسقط، تاريخ حديث مبكر) إلى أن القواسم الهولة هم من منحوا اسمهم لبقية قبائل الحلف الهولي الأخرى، حيث تقول في كتابها النص التالي (20):



(انسحب الفرس من جلفار "راس الخيمة" عام 1744م، كان هذا الميناء آخر معقل لهم في هذه المنطقة، وبعد وفاة أحمد البوسعيدي دخلت القبائل الشمالية "قبائل الامارات" في حربين مع عمان في نهاية القرن الثامن عشر، وفي منتصف القرن الثامن عشر سيطر الوهابيون على الصير أثناء حملتهم على عمان، وكانت أقوى الاسر في بلدة الصير أسرة القواسم المتفرعين من الهولة، الذين منحوا اسمهم لبقية قبائل الحلف).


وقد قام الشيخ سلطان بن محمد القاسمي في كتابه (بيان الكويت) بتعريف من هم هؤلاء الهولة أصلاً (في إشارة إلى أجداده المُلقبين بالهولي) حيث أوضح أنهم من العرب النازحين أساساً من صحراء الهول، وأنهم انتقلوا منها واستقر بهم المطاف أخيراً في سواحل الخليج، حيث يقول في كتابه النص التالي (21):



(الهولة هم عرب كانوا يعيشون في صحراء الهول في أرض الجزيرة العربية بين الموصل والرقة على ضفاف نهر الهولي، ثم انتقلوا جنوب العراق، ثم التجئوا إلى مملكة هرمز في القرن العاشر الهجري)


ولم يُهمل المؤرخون المعاصرون وصف الهولة، من أمثال نيبور وسلوت وديفيد سيتون وجاكوب موسيل وغيرهم، والذين رصدوا لنا كماً هائلاً من أحداث الخليج السياسية والاجتماعية خلال الفترة السابقة لفترة هجرة سكان منطقة الجنوب الفارسي الأخيرة إلى دول الخليج زمن حكم الشاه رضا بهلوي مطلع القرن العشرين الميلادي، حيث نجد لدى هؤلاء وصفاً واضحاً لهوية الهولة الحقيقيون، وفقاً لمعايير جغرافية واجتماعية واقتصادية دقيقة.


يُجمع هؤلاء المؤرخون جغرافياً على أن الهولة يسكنون في منطقة جغرافية محددة تبدأ من بندر كنج جنوباً وصلا إلى بندر كنكون شمالاً، ومن ساحل الخليج العربي غرباً إلى منطقة جبال زاجرس شرقاً، وهذه المنطقة الجغرافية تسمى بمنطقة شيبكوه، أي الجبل المنحدر، ولا وجود للهولة وفقاً لهذا الوصف في المناطق خارج هذه المنطقة كمنطقة بندر عباس أو بستك أو بوشهر أو بندر ديلم أو الأحواز، فهي مناطق لا تدخل ضمن هذه المنطقة، وسكانها بالتالي ليسوا من عرب الهولة وإن كانوا في غالبيتهم من العرب. 

  
 
وفي هذا الصدد يقول الباحث المختص في تاريخ الخليج جلال خالد الهارون الأنصاري في كتابه (تاريخ عرب الهولة والعتوب) أن جميع المصادر التاريخية تؤكد بأن عرب الهولة لا ينحدرون من أصل قبيلة واحدة، وإنما هم ينحدرون من إتحاد عدة قبائل عربية محددة، فالقبائل المنتمية لعرب الهولة هم القبائل التالية فقط (22):


1. القواسم (القاسمي): ويتواجد هؤلاء القواسم في جلفار (رأس الخيمة) والشارقة وبندر لنجه وبندر كنج، وهم ينحدرون وفقاً لبعض الروايات من الأشراف من قريش هاجروا من مكة المكرمة.


2. المرازيق (المرزوقي): يتواجدون بصورة رئيسية في بندر مغوه وبندر كنج، وهم فرع من آل سليمان من العجمان من يام.


3. آل علي (العلي): يتواجدون بصورة رئيسية في أم القيوين والشارقة وبندر جارك وجزيرة قيس، وهم فرع من سبيع من قبيلة همدان القحطانية.


4. بني بشر (البشري): قبيلة صغيرة تسكن جارك وجزيرة قيس، وهم فرع من آل بشر المُرة من يام.


5. بني حماد (الحمادي): تتواجد هذه القبيلة بصورة رئيسية في بندر نخيلوه ومرباخ ومقام وجزيرة هندرابي وبندر شيروه، وهم من قحطان أما البدو فهم سبيع.


6. العبادلة (العبيدلي): ويتواجدون بصورة رئيسية في جزيرة هندرابي وبندر شيروه وجزيرة الشيخ شعيب وإمارة الشارقة، وهم من عبده من شمر.


7. آل حرم (الحرمي): ويتواجد افراد هذه القبيلة بصورة رئيسية في بندر نابند وبندرعسلوه وجزيرة البحرين وبلدة عينات في سلطنة عمان، وهم من قحطان.


8. بني مالك (المالكي): يتواجد أفراد هذه القبيلة في بندر نابند وبندر عسلوه وبلدة الخرّه وشبه الجزيرة القطرية، وهم من بني مالك بطن من منتفق العراق.


9. بني تميم (التميمي): يتواجدون بشكل رئيسي في بلدة جاه مبارك وجزيرة هندرابي وجزيرة طنب الكبرى والصغرى وابو موسى وجزيرة القشم.

10. آل نصور (النصوري أو المنصوري) : يتواجدون بصورة رئيسية في بندر طاهري وبلدة ملوه وبندر عينات وبندر كنكون وقرى وادي قابندي، وهم من جبور الإحساء.


 


 
 

العبادلة والهولة في عيون الرحالة:

يقول الرحالان الهولنديان "تيد وفون كنبيهاوزن" و "جان فون در هولست" في تقريرهم المسجل عام 1756م عن القبائل العربية التي تستوطن الساحل الفارسي ومنهم العبادلة النص التالي (23):



(هؤلاء القوم عرب من أنصار عمر بن الخطاب "يعني أنهم سنة"، يكرههم الفرس كرهاً عظيماً فلا يتزوجون منهم، بل من جماعتهم، فيحافظون على معتقداتهم وعلى تقاليدهم، وأفضل طريقة لكسب صداقتهم هي التعامل معهم بحب ومودة، فالوجه المتجهم والمتغطرس يستدعي الاحترام والرهبة عند الفرس، أما عند العرب فيثير الحقد والكره).




يضيف الرحالان الهولنديان:



(وزعماء الهولة مستقلون بعضهم عن بعض، كما قلنا من قبل، ومختلفون على الدوام، لكن لا يحكم أحدهم مستوطنة حكماً مطلقاً، ولا يستبد فيها، ولا يقوم بعمل دون تعاون المسنين والوجهاء وموافقتهم، وفيما عدا ذلك، فهم لا يجمعون حصة نسبية أو مساعدات من أحد أفراد عشيرتهم، لكنهم يعيشون من دخل سفنهم، وقد يمتنع رئيس القبيلة عن فرض رسوم الاستيراد والتصدير في مستوطنته، إلا إذا قام بهما الأجانب، وإذا فقدت جماعته الثقة به نحته عن الزعامة، وأعطتها إلى أحد أفراد أسرته، وفقد هو الاحترام والسلطة).



يقول الرائد الدنماركي كارستن نيبور والذي زار الساحل الفارسي سنة 1762م في كتابه (السفر عبر البلاد العربية) عند حديثه عن قبائل عرب الهولة ومنهم العبادلة النص التالي (24):


(لقد أخطأ جغرافيونا عندما صوروا لنا بأن الإمبراطورية الفارسية تسيطر على أجزاء من الجزيرة العربية، في حين أن الوضع على النقيض من ذلك، فإن العرب يسيطرون على جميع الإمارات المطلة على حوض الخليج الفارسي، من أعلى الخليج وحتى أسفل المضيق، هذه المستعمرات القائمة على الأطراف الفارسية وحتى أطراف جزيرة العرب في حوض الخليج الفارسي لا نعلم بالتحديد متى نشأت، خاصةً كونها منفصلة عن فارس، وتستخدم التقاليد والعادات واللغة العربية، كونهم من سكان الجزيرة العربية أصلاً).



يضيف نيبور:


(هؤلاء العرب هم من أبناء المذهب السني، وهم محترمون من قبل جيرانهم وذلك لشجاعتهم، وإذا كان لقوة أن تخضع جميع مدن الخليج فهم المرشحون لذلك، إلا أن خضوع كل منطقة لشيخ مستقل وهذا الشيخ يجب أن يكون من عائلة محددة يحول دون اتحادهم، وهذا مايجعلهم فقراء ومبعثرين، في حين يتسنى لشيوخهم أن يكونوا أثرياء جداً).




ويقول الرحالة الانجليزي وليام جيفورد بلجريف والذي زار الساحل الفارسي خلال الفترة من عام 1862-1863م في كتابه (وسط الجزيرة العربية وشرقها) عند حديثه عن شيوخ القبائل العربية في بر فارس ومنهم شيوخ العبادلة النص التالي (25):


(ومع بداية قيام الامبراطورية الوهابية الأولى، وإدراكاً من رؤساء بر فارس لأصولهم، راحوا يرحبون بطلوع فجر السيادة النجدية، التي كانوا على ثقة بأنها ستكون حليفاً قوياً في مواجهة القهر الشيعي، ومن أجل ضمان وتعزيز التعاون الوهابي معهم، بدأ هؤلاء الرؤساء يتبعون مبادئ الاسلام الجديد، أو إن شئت فقل الاسلام المجدد بكل مافيه من تعصب وتشدد، ولا يزال سكان هذه المنطقة إلى يومنا هذا يتمسكون بالكثير من التعاليم والمشاعر الوهابية الحقيقية، باعتبار ذلك نقطة انطلاق في مواجهة أعدائهم الفرس، برغم أن الزمن نفسه قد خفف بعض الشيء من مغالاتهم في تشددهم).




يضيف بلجريف:

(ورؤساء بر فارس يزعمون أنهم ينحدرون مباشرةً من قبيلة مطير العظيمة، أولئك الذين تعرفناهم من قبل في نجد العليا، ومن بين هؤلاء الرؤساء اثنان أو ثلاثة يزعمون أنهم ينتمون إلى سلالة بني خالد النسيبة، سادة الإحساء الذين زالت دولتهم، وإذا كانت روح الانقسام، وروح الحقد والسبي والنهب، وروح الأخذ بالثأر والانتقام هي الضمان الوحيد للأصل البدوي فإن هؤلاء الرؤساء لديهم الأوراق الثبوتية التي تؤكد ذلك).


 

ويقول الانجليزي جون غوردون لوريمر في كتابه (دليل الخليج) الصادر لأول مرة عام 1908م عند حديثه عن شيوخ القبائل العربية في الساحل الفارسي (شيبكوه) ومنهم شيوخ العبادلة النص التالي (26):


(وعلى الرغم من أن سلوك الشيوخ تجاه رعيتهم هو غالباً، إن لم يكن عموماً، هو سلوك عنف وإبتزاز، إلا أنهم يحظون بالتأييد الكامل والاسناد من رعاياهم في كل جهد للحصول على الاستقلال الذاتي ضد تسلط الحكومة الفارسية، وعلى الرغم من أن الشيوخ يعانون من العداوات فيما بينهم، إلا انهم يتحدون بسهولة من أجل موقف مشترك، كما حدث مؤخراً عند إزاحة الشيخ التميمي الدخيل).


يضيف لوريمر:


(ويمارس كل شيخ جاء بالوراثة من شيوخ هذه القبائل سلطات كبيرة في منطقته، فهو ينظر في جميع المنازعات المحلية -بإستثناء المنازعات الدينية أو شبه الدينية- "حالات الزواج مثلاً" وفق مايعتقد الشيخ أنه صحيح وصائب، وهو يُبدي رأيه في جميع أمور الجرائم، وأحكام السجن والجلد، ولكن ليس في الإعدام، وبدون موافقته لا يجرؤ أي غريب أن يصطاد اللؤلؤ في مياه منطقته، وهو الذي يجمع وارد الدخل من منطقته، ولا يبدو أن هذه الطريقة ستتغير في المستقبل القريب).

  
  
 
وقد جاء في الكتاب الفارسي "فارسنامة ناصري" لصاحبه شادروان حاج ميرزا حسن حسين فسائي، وهو غير مترجم إلى اللغة العربية، عن القبائل العربية المستوطنة في بر فارس ومنهم العبادلة على النحو التالي (27):

 

(1)طائفة آل حرم: قبيلة عربية هاجرت من بر عمان إلى بر فارس منذ زمن بعيد واستوطنت بالقرب من مدينة "بيدخان" الواقعة في منطقة بني مالك، وعمرت بندر اعسلوه، وحكم تلك المنطقة كان وما زال في يدهم، ويتكلمون اللغة العربية حتى الآن.



(2)طائفة آل بوخميس: قبيلة عربية هاجرت من بر نجد واستقرت بالقرب من منطقة "رامهر مز"، وعلى الرغم من قساوة الطقس في تلك المنطقة خلال موسم الصيف والشتاء إلا أنهم لم يتروكوا العيش في تلك المنطقة أبداً، وكانوا يعيشون حياة بدوية في خيم سوداء، و مصدر رزقهم كان من تربية الابل والاغنام والزراعة، ولا زالوا يتكلمون باللغة العربية.



(3)طائفة آل نصور: جماعة من العرب المهاجرين من بر عمان إلى سواحل الخليج منذ زمن بعيد واستوطنوا بالقرب من بندر سيراف، وأيضاً قاموا بتعمير ميناء كنكون وحكموا هذه المنطقة، ولا يزالون متمسكين بحكم تلك المنطقة، ويتكلمون باللغة العربية.



(4)طائفة التميمي والمالكي: القبيلتان من عرب بر عمان، هاجروا إلى ساحل بحر فارس و استقروا في منطقة المالكي، وجميعهم من اهل القرى، وهاتان القبيلتان متداخلاتان بشكل كبير، يصعب الفصل بينهم أو التمييز بينهم بسهولة، إلا بواسطة شخص خبير بهم، ومصدر رزقهم من زراعة النخيل، وهم لا يزالون يتكلمون اللغة العربية.



(5)طائفة الحمادي: قبيلة من عرب بر عمان ، استوطنوا منطقة شيبكوه وجميعهم من أهل القرى (قرويين)، ومساكنهم قرية مرباخ ورستاق في شيبكوه، ومصدر رزقهم زراعة النخيل، ولا يزال لسانهم عربي.



(6)طائفة الدموخ: قبيلة من أعراب بر نجد وجميعهم قرويين، ومقرهم في قرية "جاه كوتاه" وتوابع مناطق ابوشهر، ولسانهم عربي.



(7)طائفة الشريفات: قبيلة من أعراب بر نجد ويعيشون في بندر "هنديان" وعلى نهر "زيدون" وكانوا يعيشون داخل الخيم السوداء، وهم يعتبرون العيش وسط البيوت عار لهم، وحكموا تلك المنطقة، ومصدر رزقهم تجارة الأغنام والزراعة، ولسانهم عربي .



(8)طائفة البشري: قبيلة من أعراب بر عمان واستوطنوا مناطق "كرزه" و"كلات" من توابع منطقة شيبكوه، ومصدر رزقهم من تربية الأنعام والزراعة، ولسانهم عربي.




(9)طائفة العبيدلي: قبيلة من أعراب بر عمان، جميعهم قرويين ويسكنون قرية اهميران وضواحيها في منطقة شيبكوه، ومعيشتهم من الزراعة والنخيل، ويتكلمون اللغة العربية.



(10)طائفة المالكي: قبيلة مختلطة ومتداخلة مع قبيلة بني تميم (التميمي) ويسكنون في مناطق بني مالك (المالكي).



(11) طائفة المرزوقي: من أعراب بر عمان وجميعهم قرويين، ومساكنهم في قرية مغوه و توابعها في منطقة شيبكوه، ولسانهم عربي، ومصدر رزقهم الزراعة والملاحة.



(12) طائفة الهشوش: يعيشون في خيم ومن أعراب بر نجد، ومسكنهم بالقرب من بندر "هنديان" في مناطق الفلاحية، ومصدر رزقهم من تربية الإبل والأنعام، ويتكلمون اللغة العربية.


 






محاولات الاستقلال والحكم الذاتي:
 
يذكر المؤرخ الإمارتي/ عبدالرزاق محمد صديق في كتابه (صهوة الفارس في تاريخ عرب فارس) عند حديثه عن شيخ قبيلة النصور مذكور بن جبارة النصوري الخالدي محاولة الأخير عزل المناطق الساحلية العربية عن سيطرة الحكومة الفارسية بالتعاون مع حلفائه العبادلة وآل علي، حيث يقول في كتابه النص التالي (28):



(وفي عام 1879م تآمر الشيخ مذكور مع حلفائه العبادلة وآل علي للإستيلاء على مدينة لنجة وما حولها، كما اتفق مع حلفائه للقيام بعزل المنطقة عن سيطرة الحكومة المركزية، وإعلان استقلال منطقة شيبكوه، ولذلك قام بما يلي: ضرب عملة نقود خاصة به، كما امتنع عن دفع الرسوم المفروضة عليه للحكومة المركزية، ورفض أوامر خان بستك وقوام الملك، وجد في العمل على فصل المنطقة عن إيران)



يضيف عبدالرزاق صديق أنه عندما علمت السلطات الفارسية بنوايا الشيخ مذكور النصوري أصدرت الأوامر فوراً بالقبض عليه، وتحصن الشيخ مذكور فوق قمة جبل (شاهينكوه) في قلعة (كلات سرخ) ودام حصاره من قبل القوات النظامية لمدة ستة أشهر جرت خلالها معارك عنيفة قُتل فيها عدد من جنود النظام وشقيقه الشيخ حاتم، وفي نهاية المطاف تمكنت القوات من اعتقال الشيخ مذكور وتم إرساله إلى شيراز حيث نُفذ فيه حكم الإعدام هناك عام 1880م.




 
 

 
 
الشيخ عبدالله بن محمد العبيدلي:

من أشهر شيوخ القبيلة الشيخ عبدالله بن محمد سلطان بن محمد العبيدلي، والذي عاش خلال الفترة (1869-1931)، ويعد من أعيان القبيلة وفضلائها، وكان شاعراً وأديباً وله إطلاع واسع في التاريخ، كما كان محباً للعلم، ويعود الفضل إليه في تأسيس المدرسة العبيدلية بقرية "نخل خلفان" والتي جلب إليها آنذاك طلاب العلم من سائر أقطار الخليج العربي والجزر المجاورة (29)، وهو صاحب القصيدة المعروفة عند عرب فارس باسم تائية التوبة والتي كتبها في آخر سنوات حكمه، يتوسل ويتضرع فيها إلى الله تعالى وينشده التوبة والتجاوز عن الذنوب، متجهاً فيها إلى الاعتبار من تقلبات الزمان وتبدل الأحوال.
 


وقد كان الشيخ عبدالله العبيدلي يرتبط بعلاقة قوية مع شيوخ البحرين الذين كانوا ينزلون في ضيافته عندما كانوا يقصدون بر فارس للصيد (القنص) وكان يستقبلهم الشيخ عبدالله بالحفاوة والترحاب، وفي هذا الصدد يقول محمد شريف الشيباني مؤرخ قطر في كتابه (تاريخ القبائل العربية في السواحل الفارسية) النص التالي (30):


(وقد كان الشيخ عبدالله على صلة وثيقة وعلاقة حميمة مع أمراء وشيوخ البحرين "آل خليفة" ومنهم المرحوم الشيخ عيسى بن علي آل خليفة وأولاده: الشيخ حمد، ومحمد، وعبدالله، وعيسى، وكان هؤلاء إذا قصدوا بر فارس للصيد يستقبلهم الشيخ عبدالله ويقوم بضيافتهم وواجبهم أحسن قيام، وذلك بعد أن تُطلق لهم المدافع ترحيباً بمقدمهم وتُنشر لهم الأعلام الزاهية استبشاراً بقدومهم).


يضيف الشيباني:

(يُذكر بأن الشيخ حمد بن عيسى زار بر فارس للقنص ونزل "بندر جيروه" أحد مراكز قبيلة عبيدل، فعندما استخبر حاكم المنطقة الشيخ عبدالله العبيدلي بالخبر أمر رجاله بدعوة حاكم البحرين وإكرامه والقيام بواجب الضيافة، فأكبر الشيخ حمد بن عيسى هذا الكرم المنقطع النظير ودعى الشيخ عبدالله لزيارة البحرين فقبل الشيخ عبدالله الدعوة وقال: خلها إلى أن يكتب الله).



يختم الشيباني:



(وأراد الله أن يزور الشيخ عبدالله أقاربه من شيوخ العبادلة في قطر فزار البحرين أثناء عودته إلى بر فارس، وفرح الشيخ حمد بزيارة الشيخ عبدالله وأكرمه واحترم مقامه عناية الاحترام، وأُقيم حفل أُلقيت فيه القصائد الشعرية التي تثني على شرف نسب قبيلة عبيدل ثم غادر الشيخ عبدالله إلى بلده في بر فارس معززاً مكرماً).


وقد امتدحهم خلال هذا الحفل الشاعر مبارك بن مسعود أحد شعراء الشيخ حمد بن عيسى بن علي آل خليفة بقصيدة طويلة قال في آخرها:


قوم إذا ذكر الورى أنسابهم
فإلى عبيدل منتهى الأفضال

  
وفي عهد الشيخ عبدالله بن محمد العبيدلي وعلى إثر ضلوع العبادلة بحادثة قتل القنصل البريطاني في لنجة، قامت الباخرة الحربية البريطانية بضرب قلعة العبادلة في بلدة "جيروه" عام 1913م إنتقاماً من العبادلة لتقديمهم الدعم والمساعدة لحليفهم الشيخ مذكور بن حسن النصوري الخالدي والذي اتهمته السلطات البريطانية بالتحريض على قتل القنصل البريطاني في بندر لنجة بدر محمد أمين (31)، وقد خلفت نيران الباخرة البريطانية العديد من آثار الدمار على القلعة.


 
 

الهجرة العكسية للخليج:

أعاد التاريخ نفسه مرة أخرى، فبدأ العبادلة بالهجرة المعاكسة إلى موطنهم الأصلي في الجزيرة العربية ودول الخليج وذلك بعد أن ضعُفت إمارتهم على الساحل الفارسي نتيجةً تدهور الاوضاع الاقتصادية على الساحل، والجفاف الذي أصاب المنطقة لقلة الأمطار، بالإضافة إلى تدخل الحكومة الفارسية في شؤونهم الداخلية والتحكم فيها، ونزع صلاحيات شيوخ القبيلة الذين كانوا شبه مستقلين ذاتياً، ويقومون بتدبير أمور رعاياهم وإدارة شؤون مناطقهم، ويمارسون سلطتهم المطلقة دون تدخلات خارجية.


وقد قامت الحكومة الفارسية بممارسة الضغوطات والتضييق على جميع القبائل العربية المقيمة على الساحل الفارسي، وذلك من خلال عدد من السياسات، منها: وضع رجال الشرطة والجمارك في الموانئ العربية، وحبس عدد من شيوخ القبائل في شيراز، وفرض اللغة الفارسية والخدمة العسكرية على العرب، ومصادرة الأسلحة من القبائل، وتعيين حكام من العجم لإدارة شؤون المناطق العربية، وإصدار قوانين بمنع الحجاب ونزع (البراقع).

وقد عارضت القبيلة جميع هذه السياسات ورفضتها جملةً وتفصيلاً فقررت العودة إلى ديارها الأصلية حفاظاً على الدين والذات والكبرياء.


يقول المؤرخ العراقي الدكتور فالح حنظل الباحث في تاريخ الإمارات والخليج في مقال له بمجلة (الشرطة في إمارة أبوظبي) النص التالي (32):


(وكان من أشهر من ترك إمارته على الساحل الفارسي وعاد إلى أرض الوطن قبل عصر النهضة هم قبيلتا بني حماد والعبادلة العربيتان الكريمتان, وذلك في السنة المعروفة عند أهل الإمارات باسم سنة كشف الحجاب).


وقد عرض الدكتور فالح وثيقة مؤرخة في ثلاثينيات القرن الماضي، فيها خبر اعتقال عدد من شيوخ قبيلتي العبادلة وبني حماد وشيوخ القبائل العربية بسبب رفضهم الانصياع لأوامر الحكومة الفارسية.


وفيما يتعلق بلبس نساء القبيلة للبرقع (الزي التقليدي)، أشارت الكاتبة والمؤرخة البحرينية الشيخة مي بنت محمد آل خليفة إلى كتاب فارسي عنوانه (جزيرة هندرابي الواقعة في بحر فارس)، والذي يتحدث فيه مؤلف الكتاب عن أصل البرقع الخليجي ونشأته، ويورد فيه النص التالي عن جزيرة هندرابي والتي تسكنها قبيلة العبيدلي وفقاً لما جاء في كتاب دليل الخليج لمؤلفه جون غوردون لوريمر (33): 

 

(هذه الجزيرة يسكنها أعراب من ساحل جنوب إيران من "لنجه وجيروه والقابنديه وجارك" وقد هاجروا إليها من الجزيرة العربية فهم أبناء عرب من أصول عربية، في تلك الجزيرة تلبس النسوة البرقع كما هو حال الخليج ويقال أن تلك العادة جاءت من اليونان واسبانيا عن طريق البرتغاليين الذين كانوا يستخدمونها لتغطية وجوههم وحمايةً لبشرتهم من شمس الخليج، والبرقع الموجود في تلك الجزيرة من نوع برقع البحرين وقطر والكويت وبرقع الامارات العربية ومسقط وبرقع بندر عباس والقابندية، أما لبس الرجال فالغترة أو العمامة والكوفية كما هو حال الخليج).



 

 




الفاضل يُطلق اسم العبيدلي على وقفه:

يعتبر الشيخ عبدالرحمن بن راشد بن خليفة الفاضل والتي تنتمي عائلته إلى العتوب أحد أشهر رجالات البحرين حيث كان له الدور الرئيسي في استرداد البحرين من أيدي السعوديين، وطرد القوات السعودية والتي كان يتزعمها ابن عفيصان من البحرين، وتسليم البلاد لأخواله آل خليفة عام 1810م، وقد أوقف الشيخ عبدالرحمن بن راشد الفاضل نخلان أوقفهما على مسجدين من مساجد المحرق بالبحرين، الاول أسماه "الخور" أما الثاني فأسماه "العبيدلي" وهو يقع في الزنج، حيث تملك أسرة آل فاضل الكثير من بساتين النخيل في الزنج.


جاء ذلك في مقال نشرته صحيفة الوطن البحرينية عام 2011م تحت عنوان (حكاية وقف، عبدالرحمن الفاضل أوقف نخيل الخور والعبيدلي لمسجدين في المحرق) وقد نقلت الصحيفة حرفياً حجة الوقف التي دونها مبارك بن خليفة الفاضل والتي كانت بما يلي (34):


(جرى في 14 ذي القعدة 1270 بعد الهجرة -1854م- ثبت لدي ما ذُكر في هذه الورقة نقلاً لئلا يخفى، حرره الفقير إلى الله شرف بن أحمد خادم الشرع في البحرين. "بسم الله الرحمن الرحيم"، قد حضر لدي مبارك بن خليفة آل فاضل وأقر واعترف بطوعه ورضاه أن النخيل المسمى "الخور" والنخيل المسمى "العبيدلي" أنهما وقف من عبدالرحمن بن راشد الفاضل، وأن مخارج ثمرتهم تُباع ويُعطى منها مسجد الجامع الكائن في المحرق، للإمام مائة قران، وكذلك مسجد عبدالرحمن بن راشد مائة قران ما بين المؤذن والإمام، ثلثين للإمام وثلثين للمؤذن، وكذلك درس رمضان مائة قران، وأضحية ثلاثين قراناً، ومائة قران للأرحام، ويُعطى من الرطب للفقراء والمساكين، وسعف للمساكين، والباقي لعمار النخل والمسجد. شهد بذلك محمد بن عبدالرحمن، أملاه الفقير راشد بن عيسى).






 
 

علاقة العبادلة بالدولة السعودية:
يذكر الشيخ سلطان بن محمد القاسمي حاكم إمارة الشارقة في كتابه (سيرة مدينة تالف) أن العبادلة أهل الشارقة من أصحاب الدعوة السعودية خططوا لاغتيال الشيخ سالم بن سلطان القاسمي حاكم الشارقة آنذاك بالتعاون مع الامير تركي بن أحمد السديري وكيل الحاكم السعودي عبدالله بن فيصل آل سعود، ولكن محاولتهم لم يُكتب لها النجاح، ويسرد الشيخ القاسمي في كتابه أحداث هذه القصة بالقول (35):




(بعد وفاة الشيخ خالد بن سلطان القاسمي حاكم الشارقة ورأس الخيمة في 14 إبريل 1868م حكم الشارقة أخوه الشيخ سالم بن سلطان واستقل الشيخ حميد بن عبدالله بن سلطان بحكم رأس الخيمة.


رفض الهولة سكان الشارقة من أصحاب الدعوة السعودية وزعيمهم يومئذ شيخ العبادلة حكم الشيخ سالم بن سلطان القاسمي فتآمروا على الشيخ سالم بن سلطان بأن تظاهروا أنهم رضوا به حاكماً عليهم، ودعاه العبادلة إلى وليمة في بيتهم مساء يوم الأربعاء السابع من شهر ابريل عام 1869م تمهيداً لقتله، ولما دخل إلى بيتهم تفاجأ الشيخ سالم بن سلطان بوجود وكيل الحاكم السعودي الأمير تركي بن أحمد السديري وأخيه عبدالرحمن بن أحمد السديري، ومجموعه من أتباعهم.




فقام تركي السديري بتصويب مسدسه نحو الشيخ سالم ابن سلطان، وأطلق النار عليه ولكن عبدالرحمن أخا تركي بن احمد السديري دفع بالشيخ سالم بن سلطان جانباً فأصابت الطلقة جدار المجلس.


هاجم حراس الشيخ سالم بن سلطان الامير تركي السديري وقاموا بقتله وكل أتباعه من قبيلة عبيدل أما عبدالرحمن السديري فقد أخُذ مكبلاً بالسلاسل ووضع في سجن الحصن، ثم أمر الشيخ سالم القاسمي بالعفو عنه وإطلاق سراحه.



وصل الخبر إلى الأمير عبدالله بن فيصل آل سعود حاكم الرياض وأمر قواته بالتجمع في القطيف بهدف عبور البحر إلى الشارقة ومنها إلى البريمي التي احتلها حاكم مسقط).




  

 
المناضل جاسم الشيراوي (العبيدلي):

إن كلمة الشيراوي هي في الأصل لا ترمز إلى انتماء عرقي أو قبلي وانما ترمز إلى مكان السكن لا غير، فهي كالنجدي والبصري والحساوي...الخ، واسم الشيراوي هو نسبة إلى بلدة "جيروه" التابعة لقبيلة العبادلة على الساحل الفارسي، وتم إبدال حرف الكاف المتعطشة في "جيروه" إلى حرف الشين "شيروه" لتسهيل النطق، حيث أن هذه الاسرة البحرينية (الشيراوي) تعود في أصولها إلى قبيلة عبيدل ونُسبوا في البحرين نسبةً إلى مكان سكنهم قبل إنتقالهم إلى جزيرة البحرين، علماً أنه تتواجد مجموعة من عوائل العبادلة في سلطنة عمان ممن يحملون نفس الاسم أيضاً (الشيراوي) وذلك نسبةً إلى مكان سكنهم في بلدة جيروه قبل نزوحهم منها إلى عمان، ويتواجد هؤلاء بالتحديد في ولاية صحار، وتربطهم جميعاً صلة قرابة واحدة، وهم من أهل التجارة.





ومن أعمدة عائلة الشيراوي في البحرين المناضل جاسم بن محمد بن جاسم الشيراوي (العبيدلي) المولود بمدينة المحرق عام 1888م والذي يعتبر أحد أبرز رجالات البحرين في الأدب والشعر والسياسة، كان عضوا بأول مجلس للمعارف في البحرين وتولى أمانة سره، كما تولى الشؤون السياسية في صحيفة البحرين (36)، وكان يشغل منصب السكرتير الخاص للشيخ عبدالله بن عيسى آل خليفة إبن حاكم البحرين وكاتب في الادارة الخيرية التي كان يديرها جده لأمه الوجيه علي بن عبدالله بن محمد بن عبيد العبيدلي، والذي كان أحد مؤسسي التعليم النظامي في البحرين، كما كان وراء بناء أول ميناء حديث في البحرين مطلع القرن العشرين.


  
وقد اشتهر جاسم الشيراوي بنشاطه السياسي المؤثر في تلك الفترة، حيث تزعم الحركة الوطنية البحرينية ضد الانجليز في البحرين وعارض تدخلاتهم في الشؤون الداخلية للبلاد الأمر الذي أدى إلى التفات المعتمد البريطاني عليه، ودبر له عدة اتهامات أبرزها التآمر ضد الوكيل البريطاني في بلدية المنامة، وحُوكم ونُفي للهند عام 1921م هو وجده علي بن عبدالله العبيدلي، وتم وضع الاثنين في القائمة السوداء (37)، وقد أبدى الشيخ عيسى بن علي آل خليفة إمتعاضه الشديد لمعاقبة الإدرة البريطانية للشخصيات الوطنية التي وقفت إلى جانبه بصفته حاكماً للبحرين.



ونجد اسم جاسم الشيراوي (العبيدلي) يرد في السجلات البريطانية لـ الميجور ديكسون تحت عنوان (السياسة المحلية) وفيها يؤكد مدى نفوذه وتأثيره على حاكم البحرين حيث يذكر النص التالي (38):


(هناك ثلاث شخصيات يمكنها التأثير على الحاكم الشيخ عيسى بن علي: أولهم زوجته الشيخة عائشة بنت محمد ثم الشيخ عبدالله وجاسم الشيراوي)




يضيف ديكسون :

(وأنا اعتقد أن الاخير "جاسم الشيراوي" أكثرهم قدرة على ذلك الأمر ولكنه من الذكاء بحيث يبقى دائماً في الخلفية)




كما يذكر الميجور ديكسون في تقريره أنه تعود على زيارة المجالس العربية، وكان القصد من تلك الزيارات نشر الاخبار والدعاية للانجليز، حيث كانت تلك المجالس أداة الاعلام المعتمدة آنذاك ومنها تُنقل الاخبار وتُنشر، وكان ديكسون يكثر التردد على مجلس جاسم الشيراوي لأنه يعلم مدى تأثيره على الشيخ عيسى بن علي آل خليفة حاكم البحرين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


 
المصادر والمراجع:
 

(1) كتاب أسد الغابة في معرفة الصحابة –تأليف إبن الأثير- صفحة 85
 
(2) كتاب دليل الخليج- 1908م- تأليف ج ج لوريمر- القسم الجغرافي والإحصائي- إعداد قسم الترجمة بمكتب صاحب السمو أمير دولة قطر.
 
(3) كتاب معجم قبائل الخليج في مذكرات لوريمر دليل الخليج-تأليف سعود الزيتون الخالدي-الطبعة الأولى-سنة 2002م- الدوحة قطر-صفحة 253
 
(4) المعجم الجغرافي للبلاد العربية السعودية، المنطقة الشرقية (البحرين قديما) القسم الثالث (ص-ف) تأليف حمد الجاسر، منشورات دار اليمامة للبحث والترجمة والنشر، الرياض، طبع سنة 1401 هـ (1980م) - صفحة 1143+ 1144
 

(5) كتاب تاريخ الدولة السعودية الثانية- تأليف د. عبدالفتاح حسن أبو عليه- ملحق رقم 5 صفحة 334
 
(6) مقتطفات من سجلات بومباي - عرض حكومة المملكة العربية السعودية، التحكيم لتسوية النزاع الإقليمي بين مسقط وأبوظبي وبين المملكة العربية السعودية- المجلد الأول- الاساس، 11 ذي الحجة 1374 هـ الموافق 31 يوليو 1955 م- صفحة 169
 
 
(7) مجلة الأزمنة العربية الصادرة في دولة الامارات-الشارقة- ملاحظة: تم ايقاف المجلة وسحب ترخيصها من قبل السلطات الإماراتية
 
(8) كتاب قطر الحديثة "قراءة في وثائق سنوات نشأة إمارة آل ثاني" - تأليف عبدالعزيز عبدالغني ابراهيم- الطبعة الأولى – سنة 2013- صفحة 285
 
(9) كتاب صهوة الفارس في تاريخ عرب فارس- تأليف: عبدالرزاق محمد صديق –الطبعة الاولى- 1993م- صفحة 189+190
 
(10) كتاب دليل الخليج- 1908م- تأليف ج ج لوريمر- القسم الجغرافي والإحصائي- إعداد قسم الترجمة بمكتب صاحب السمو أمير دولة قطر.
 
(11) كتاب تاريخ القبائل العربية في السواحل الفارسية- تأليف محمد شريف الشيباني -الطبعة الأولى- 1968م


(12) كتاب عرب الخليج في ضوء مصادر شركة الهند الشرقية الهولندية 1602- 1784 تأليف: ب.ج سلوت – ترجمة عايدة خوري – إصدارات المجمع الثقافي – دولة الإمارات العربية المتحدة – الطبعة الأولى – 1993 م
 
(13) كتاب العراق والخليج العربي في رحلة جان أوتر خلال الفترة 1736-1743، ترجمة: خالد عبداللطيف حسين- مراجعة: د. أنيس عبدالخالق محمود، المؤسسة العربية للدراسات والنشر- بيروت – 2015م
 
(14) كتاب عرب الخليج في ضوء مصادر شركة الهند الشرقية الهولندية 1602- 1784 تأليف: ب.ج سلوت – ترجمة عايدة خوري – إصدارات المجمع الثقافي – دولة الإمارات العربية المتحدة – الطبعة الأولى – 1993 م
 
(15) خوري ابراهيم،وثيقة لاهاي "دن داغ" –وليم فلور- سلطنة هرمز، إصدار مركز الدراسات والوثائق بدولة الامارات العربية المتحدة- رأس الخيمة- عام 2000- المجلد الثاني- صفحة 213
 
(16)  كتاب عرب الخليج في ضوء مصادر شركة الهند الشرقية الهولندية 1602- 1784 تأليف: ب.ج سلوت – ترجمة عايدة خوري – إصدارات المجمع الثقافي – دولة الإمارات العربية المتحدة – الطبعة الأولى – 1993 م
 
(17) كتاب دليل الخليج- 1908م- تأليف ج ج لوريمر- القسم التاريخي- إعداد قسم الترجمة بمكتب صاحب السمو أمير دولة قطر.
 
(18) مذكرات بلجريف مستشار حكومة البحرين خلال الفترة 1926-1957م تأليف: السير تشارلز بلجريف- ترجمة: د. عيسى أمين- الطبعة الأولى- 2005- المؤسسة العربية للدراسات والنشر- لبنان - صفحة 212.
 
(19)  كتاب عرب الخليج في ضوء مصادر شركة الهند الشرقية الهولندية 1602- 1784 تأليف: ب.ج سلوت – ترجمة عايدة خوري – إصدارات المجمع الثقافي – دولة الإمارات العربية المتحدة – الطبعة الأولى – 1993 م
 
(20)كتاب عمان ومسقط: تاريخ حديث مبكر - تأليف: باتريشيا ريسو - نيويورك - سانت مارتنز - 1986م

(21) كتاب بيان الكويت - سيرة حياة الشيخ مبارك الصباح - تأليف: د. سلطان بن محمد القاسمي - الطبعة الأولى - الشارقة - 2004م - صفحة 12
 
(22)كتاب تاريخ عرب الهولة والعتوب - تأليف: جلال خالد الهارون الأنصاري - الطبعة الأولى - 2011م - صفحة 64+65+66
 
(23) خوري ابراهيم،وثيقة لاهاي "دن داغ" –وليم فلور- سلطنة هرمز، إصدار مركز الدراسات والوثائق بدولة الامارات العربية المتحدة- رأس الخيمة- عام 2000- المجلد الثاني- صفحة 213
 
(24) كتاب السفر عبر البلاد العربية-1762م- تأليف: كارستن نيبور

(25) وسط الجزيرة وشرقها، تأليف وليام جيفورد بالجريف، ترجمة صبري محمد حسن، المجلس الأعلى للثقافة 2001م- المجلد الثاني- صفحة 283
 
(26) كتاب دليل الخليج- 1908م- تأليف ج ج لوريمر- القسم الجغرافي والإحصائي- إعداد قسم الترجمة بمكتب صاحب السمو أمير دولة قطر.
 
(27) كتاب فارسنامة ناصري – تأليف شادروان حاج ميرزا حسن حسين فسائي – صفحة 1616-1617
 
 
(28)كتاب صهوة الفارس في تاريخ عرب فارس- تأليف: عبدالرزاق محمد صديق –الطبعة الاولى- 1993م- صفحة 119-124
 
(29) موسوعة البابطين السعودية لشعراء العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين
 
 
(30) كتاب تاريخ القبائل العربية في السواحل الفارسية- تأليف محمد شريف الشيباني -الطبعة الأولى- 1968م

(31) كتاب صهوة الفارس في تاريخ عرب فارس- تأليف: عبدالرزاق محمد صديق –الطبعة الاولى- 1993م- صفحة 154+233
 
(32) مجلة الشرطة في إمارة أبوظبي- العدد 439 يونيو 2007م
 
(33) كتاب جزيرة هندرابي الواقعة في بحر فارس - تأليف: أبرح أفشار رسيستاي
 
(34) صحيفة الوطن البحرينية – منشور بتاريخ 25/8/2011م .
 
 
 
(35) كتاب سيرة مدينة تالف – تأليف د. سلطان بن محمد القاسمي – الطبعة الأولى- 2015م
 
 
(36) كتاب أبناء الشرق – تأليف الدكتور إبراهيم عبدالكريم كريديه – صفحة 556+557 – مكتبة نوفل - بيروت


(37) مكتبة قطر الوطنية (النسخة الأصلية محفوظة في المكتبة البريطانية- أوراق خاصة وسجلات من مكتب الهند)
 
(38) كتاب سبزاباد ورجال الدولة البهية -تأليف مي بنت محمد آل خليفة- بعنوان: إبعاد الملا حافظ ونفي جاسم الشيراوي صفحة 497
 
 
 
 






 

 
 

 
 

 

 

 

 


 
 

497


تعليقات